ميت على ناصية شارع عمومي!

من أسبوعين عملت اشتراك جديد في مكتبة مصر العامة-مبارك سابقا-، بالمناسبة الاسم بس هو اللي اتغير انما معظم الكتب ملزوق عليها باركود وتحته “مكتبة مبارك العامة”، وبالمناسبة كمان فيه كتب كتيرة جدا من  اصدارت مكتبة الاسرة عليها في الغلاف الخلفي صورة حلوة لسوزان مبارك وكلمتها عن مشروع المكتبة، مش مهم ده كمان انما اللي كان ملفت بالنسبة لي اننا مش هنعرف نتخلص من وجود مبارك في حياتنا ابدا اسمه وصورته وصورة مراته والمشاريع اللي كانت بتحمل اسمه هتفضل تطاردنا، هو نفسه هيفضل شبح بيطلع لنا من كل خرابة!

مش هو ده بالظبط اللي عايزة احكي لكم عنه، انما اول حاجة افتكرتها وانا داخلة الشارع بتاع المكتبة –شارع جمال حمدان في الدقي– بعد غياب حوالي 12 سنة كده، ان ع ناصية الشارع كان فيه زمان إنسان معرفش راجل ولا ست- دايما نايم بوضع معين ثابت مش بيتغير ع ناصية الشارع، وفيه ريحة وحشة جدا لا تطاق بتشمها بمجرد ما تقرب من مكان الجسم ده، طبعا كان واضح انه انسان وباين جدا رجله، لكنه دايما كان مغطي وشه.

انا فضلت اشوف الجسم ده شهر بعد شهر بنفس الريحة اللي بتزداد وبنفس الوضع اللي مش بيتغير، وطول الوقت بسأل نفسي لا يمكن يكون الجسم ده لانسان ع قيد الحياة لازم يكون مات من فترة طويلة، لكن الملفت اكتر ازاي محدش خد باله منه، ازاي محدش فكر انه يعرف الإنسان ده ماله، عيان، ميت ، من شهور طويلة، كمان ع الرغم ان الشرطة موجودة ع بعد أمتار من المكتبة انما برضه كانوا بيمروا من غير ما حد يبص له، كنت حاسة اني انا اللي بشوف الراجل ده وان دي تهيؤات مثلا!

طبعا لما رحت المرة دي جسم الإنسان ده مكنش موجود اختفى، لكن بالنسبة لي المساحة دي مقدرش ادوس عليها حتى وهي فاضية وبشم نفس الريحة اللي كنت بشمها في كل مرة بمر فيها من جنب الرصيف.

المنظر ده عمري ما نسيته ولو كنت بعرف ارسم كنت رسمته بكل التفاصيل حتى لون القماش اللي كان مغطي الجسد ده، وشكل الشارع النضيف الهادى المليان فيلات وعمارات ومطاعم والنيل فيه متغطي بالمراكب واللانشات والناس اللي بتمارس رياضة الجري والمشي ع الرصيف التاني، والداخلين والخارجين بعربياتهم للمكتبة والولاد الصغيرين اللي مع  امهاتهم ومربياتهم مستنيين المكتبة تفتح يوم الجمعة الصبح، كل ده ومنظر الجسد مرمي بوضعية ثابتة في الشارع زي المومياء المحنطة عامل زي علامة استفهام وجنبها مليون علامة تعجب!

تعليقان على “ميت على ناصية شارع عمومي!”

  1. هو لو تحبي تسمعي رأيي فهي حاجة من ثنتين في عالمنا العربي الأولي ان الشخص امن دولة (قومي) تحت ستار متشرد ، او انه فعلا متشرد ولا حد شايفه من كثرة الغلبه في الناس

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *