حكايات شهيرة محرز

منذ فترة طويلة اشعر بحالة من انعدام الرغبة في الحفاظ على اي من عاداتي القديمة حتى المفيدة منها، لم ابتدع عادات جديدة بعد، محافظة فقط على حالة السكون والصمت، التي يضمنها لي النوم لساعات طويلة، صحيح مازالت احلم اني اسناني تقع وامسكها بيدي متسائلة في كل مرة “ازاي هاواجه الناس بشكلي ده” لكن لم ارغب ابدا ان اقلل من ساعات النوم الطويلة.

عادة واحدة فقط لم انساها او ارغب في تغييرها، هي ان في بداية كل يوم افتح جهازي لابحث عن فيلم وثائقي جديد يتحدث عن سيرة ذاتية لشخصية مشهورة او غير مشهورة، لا يهم، المهم ان اجد فيلم جديد في كل مرة، لم امل ابدا، هي فقط تلك الافلام التي تجعلني اشعر انه حتى في تلك الاوقات التي لا ارغب ان امسك في يدي كتابا، مازالت قادرة على الانشغال بفيلم وثائقي او سينمائي يتحدث عن حياة اي شخص في اي زمن واي مكان، ومهما فعل حتى لو كان هتلر .

هناك افلام تجعلني اشعر اني قرأت كتابا، وآخرى كأني قرات مقالا، وطبعا هناك افلام لا قيمة لها تتعامل مع المشاهدين كما لو كانوا لم يقرأوا حرفا عن الموضوع أو الشخصية وتردد كلاما قديما ومحفوظ دون ان تهتم بالبحث.

اتمسك بالمشاهدة كما لو كنت في السينما، اغلق الباب، اغلق الستائر، الغرفة مظلمة تمام، اذن فليبدأ العرض.

قبل ان احكي لك عن ماذا شاهدت، فكرت انه ربما رغبتي في الانغماس في حياة شخص آخر هو رغبة في الانشغال عن حياتي نفسها، عن فترات الضعف والاحساس العميق بالفشل وضياع الهدف وتجاهل ان الحياة تمر من تحت قدمي دون ان اشعر باي انجاز، واني قاربت ان المس خيوط عامي الثلاثين دون ان أصبح ما اريد، على كل حال ربما تجد في تمسكي بمشاهدة حيوات الاخرين خاصة الناجحين منهم رغبة في الاحتماء بهم، ربما يصيبني من نجاحهم شيئا او ان اسمع منهم ما اريد سماعه، انه كان هناك صعوبات لكن كان النجاح في نهاية الطريق.

هذه المرة لن احكي لك عن وثائقي بالمعني، بل الحلقة الأولى من برنامج جمع مؤنت سالم الذي بدأ بحلقة مع شهيرة محرز الباحثة في العمارة والفنون التقليدية.

قبلها قرات مرات عدة تلك الجمل المقتبسة على لسانها عن زوجها الراحل، جميلة فعلا وتمس وتارا حساسا لدى الكثير من النساء في مصر، تقول:”مش قادرة انسى انه حب بلدي واستثمر فلوسه فيها بدال ما يحطها برا وابقى مشتتة ما بينه وبين حب وطني فحسيت ان هو حلمه حلم مصري مش حلم واحد اجنبي.

كنا مثلا نتأخر في الشغل نبقى متفقين أرجع الساعة 5 فأرجع 9 فصاحبتي اللي متجوزة مصري تبقى مروحة بترجف وعلى لسانها (حسن هيبهدلني حسن هيعمل حسن هيسوي عشان اتأخرت) وأنا راجعة مطمنة لاني عارفة اني أول ما أدخل هيقولي حبيبتي انتي اتأخرتي ليه،، لازم مرهقة،، أعملك حاجة تشربيها ! طب أحطلك شوية موسيقى ! أقوله لأ لسا عندي شعل يقولي: خلاص كملي شغلك وأنا هقعد جمبك هقرأ وأحطلك موسيقى.

فأكمل شغل وبعد كدا الاقيه قام جبلي حاجة أكلها حاجة أشربها يعملي مساج في ظهري يعني( بيسندني)،، ومش معيشني في رعب يا هو الأول في حياتي يا مفيش حياة.

كنت بصحى مرات كدا في نص الليل أقول يا رب أنا عملت ايه عشان استاهله عشان أستاهل الحياة دي،، طبعا كان ليها صعوبتها مش كل حاجة كانت كويسك، لكن احساس انك عايشة مع بني أدم بيقدرك وبيسندك وفي نفس الوقت من غير مساومة من أي ناحية يعني مبتدفعيش تمن العلاقة دي، وده كان بيديني فخر شديد لأنه كان بيحسسني بعدم التناقض اني حبيت أجنبي بس الأجنبي ده مصري القلب”.

بحثت عن الحلقة، بشعور انها قطعا قد قالت كلاما مهما آخر، بالفعل وجدت ان الحلقة القصيرة التي تبلغ 25 دقيقة، قالت فيها شهيرة محرز الكثير، مثلا اعترفت انها رغم جهودها في البحث وتدوين الملابس المصرية القديمة “ما نجحتش اقنع الناس يغيروا لبسهم للزي المصري التقليدي” لكن رأت انها نجحت في تدوين الملابس “قبل ما تموت”.

قالت وهي تشرح الزي النسائي التقليدي وتشابه مع ملابس ورموز الفراعنة، اضافت ان “الست المصرية طول عمرها بتغطي شغرها بس كان غطاء انساني وآدمي، ما يمنعش ان حتة من شعرها تبان لان الشعر مكنش مرتبط بالخطيئة”.

تحدثت عن علاقتها بالمعماري المعروف حسن فتحي، واهتمامه بتطوير مساكن للفقراء “كان بيقول ان لازم العلم يخدم المحكوم عليهم بالاعدام بالسكن السيء”.

لم تنسى د. شهيرة النصيحة التي قدمها لها حسن فتحي حول شعورها بالحيرة بين الثقافة الفرنسية التي تربت عليها منذ طفولتها، والثقافة المصرية التي تنتمي اليها، قال لها انها يمكن أن تجمع بين الحضارتين بدون أن تشعر انها تخون واحدة منهم.

اخيرا، قالت انها كان سعيدة بثورة 25 يناير وكان برهانا بالنسبة لها على ان الشعبي المصري حيا “25 يناير احسن يوم في حياتي”.

الحلقة انتهت..

لست ادري ماذا ساشاهد في المرة القادمة، لكن بالتأكيد سأحكي عنه او عنها، ربما اكتب عن الافلام السينمائية ايضا، فاذا لم يكن هناك برنامج أو فيلم وثائقي فليكن فيلم سينمائي، لا بأس، السينما تضيف الى عمري اعمارا وتمنحني دفئا وتساعدني ع تجاوز المحن.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *