في محبة “بنت البقال”

منذ عامين شاهدت حلقات مسلسل “موجة حارة” بطولة إياد نصار وقرأت الرواية “منخفض الهند الموسمي” المأخوذة عنها المسلسل لأسامة أنور عكاشة في يومين فقط بالتزامن مع مشاهدته، لم يتبقى في ذهني الكثير من مشاهده إلا سيدة لم تظهر إلا قليلا لكن وجهها وصوتها والدور الذي قامت بادائه كان بالنسبة لي مدهشا، كانت ممثلة لأول مرة ارى وجهها تؤدي دور تاجرة مخدرات تحب سيدة اخرى اصغر سنا -نوسة أو هنا شيحة.

الدور كان متميزا والأداء ايضا، لم اسأل عن اسمها لكن اليوم فقط عرفت إنها عارفة عبد الرسول، لما رأيت نفس الوجه على بوستر فيلم تسجيلي اسمه “بنت البقال” اخرجه عماد مبروك، ومنذ الدقائق الأولى للفيلم ادركت إنه مألوفا لي وسبق أن رأيته، وفي لحظة تذكرت إني كنت هناك في مهرجان ساقية الصاوي الرابع للأفلام التسجيلية والذي اقيم في يوليو 2008-نفس العام الذي تخرجت فيه من الكلية- وشاهدت كل العروض تقريبا وكان فيلم “بنت البقال” بينها.

لا انسى ابدا هذا المهرجان، وقتها كنت تعيسة حديثة التخرج تبحث عن عمل وتخشي ان لا تجده، وذهبت من حلوان للزمالك كل يوم على مدار ثلاثة أيام لكي اشاهد العروض من 6- 9 مساء وكنت اضطر إلى الرحيل قبل إنتهاء عرض الفيلم الأخير حتى استطيع ان اصل المنزل في وقت مناسب، وفر لي البحث على الأنترنت الآن تذكر اسماء افلام لم تبارح ذاكرتي ومازالت موضوعتها مثيرة بالنسبة لي، منها  مثلا فيلم “الجسد” الذي حكى عن سيدة عجوز لكن في شبابها كانت موديل في كلية الفنون الجميلة يرسمها الفنانون، وفيلم “بنت البقال” الذي وجدته على الانترنت بالصدفة.

يحكي الفيلم عن سيدة فقيرة من الأسكندرية والدها كان بقال، تعمل بالحكي وتجيده، ليست امرأة جذابة لكن في وجهها وصوتها شيئا يجبرك أن تنتبه له.

عندما اعدت مشاهدة الفيلم اليوم، سمعتها تتحدث عن حلمها بالعمل في القاهرة وتصبح ممثلة معروفة، بعد 30 عاما تقريبا من العمل في الحكي والتمثيل على مسارح قصور الثقافة، سعدت جدا إن حلمها تحقق بعد كل هذه الفترة وإنها لم تتخلى عنه، وعملت بالفعل في مسلسلات مثل بدون ذكر أسماء، فرح ليلى، إمبراطورية مين، كما قرأت ان “حكايات بنت البقال” الذي روت فيه تجربتها الشخصية في حي الحضرة بالأسكندرية سيتحول لفيلم سينمائي قريبا.

الفيلم القصير الذي استغرق 19 دقيقة فقط، لم يكن فقط مبهجا ومتحدثا عن سيدة موهوبة لكن تخلله بعض اللحظات الحزينة بالتحديد وهي تتحدث عن حادثة حريق قصر ثقافة بني سويف  عام 2005 ومقتل 50 شخصا، وبكت عندما تذكرت تصريح لمسئول وقتها قال فيه “قصور الثقافة دي بتربي فيران في الجحور” وشعرت بألمها ليس فقط من فقدانها لزملائها بل لامتهان سنوات عمرها التي قضتها في عمل تحبه وتحترمه ومخلصة له، وايضا آلمها لامتهان زملائها والعمل الذي لقوا حتفهم وهم يقومون به، فقالت وهي لا ترغب في استكمال الحديث عن الموضوع “الناس دي كانت بتشتغل بجد حتى لو كانوا بيقدموا حاحة هايفة”.

احببت كثيرا “بنت البقال” بطاقتها ومثابرتها وحلمها الذي لم تتركه على مدار اعوام طويلة.. احببت تلك الموهبة التي نمت ونضجت عبر عمل طويل في الظل لكنه مستمر ويقدم بحب كبير..

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *